"وتحقق
الحلم"
ضاعت منها نفسها بين
شظايا الحزن وكتل الآلام البربرية المتوحشة فنادت عليها بأعلى صوتها فلم تلبي لها
النداء بقت في حيرة وسامت البحث عنها وسالت قلبها عنها فأجابها تراها اختنقت بين
سيول الدموع الغزيرة اولعلها هناك تحت ركام الأوجاع تنزف في صمت لا من يسمعها .
آه مسكينة هي لطالما
كانت كتومة لا تفشي سرا تحبس جمرات النار الملتهبة داخل ثقوب فؤادها الصغير
وترسم على خطوط
شفتيها الناعمتين ابتسامة السعادة المزيفة وتنسج على خيوط شعرها الأشقر ظفائرا
جميلة تنسدل على كتفها كعنقود عنب شهي يتدلى وسط الأوراق وذلك لتلفت انتباه المارة
فيظن الجميع إنها امرأة مسرورة زخرفت نشوتها بأناقة حسناء
كانت هي تائهة تبحث
عن ذاتها الهاربة في ليل اسود حمل معه كل أنواع القاذورات الزرقاء منها ،البنفسجية
و الصفراء الشاحبة .ووقفت هي رافعة رأسها ببسالة تأبى الركوع لها فقاومتها بكل ما أتيت
من قوة،وراحت تنعش صدرها بشهيق وزفير وتسد أذنيها بسبابتيها حتى لا تنتشر الروح
الشريرة إلى جذور طهارتها الصافية والنقية كماء زمزم المباركة ،وظلت تصارع تلك الأصوات
المرعبة في دائرة حصار أعلنه عليها شبح اليأس المستبد .خافضة يديها إلى أسفل
قدميها شعارها لن اهزم لن استسلم ،لكن ثم لكن كانت رياح البؤس كالطاغية ففجرت
خبثها في لحظة كان فكرها غائب يفتش عن ملجأ مخبأ ، زورق اخضر يأخذ بها إلى ضفة
السلام .لكن هيهات هيهات فقد كان الفشل المارد أسرع منها فكشر عن أنيابه ليلتهم
كيانها الهزيل . وفجأة اهتزت السماء بخطى جبارة كانت تقترب رويدا رويدا من ساحة
المعركة الحمراء إلى أن رأته هي فصرخت النجدة النجدة أنقذني يا هذا فضحك ورد عليها
أحقا لم تعرفيني فأجبته بلا والخوف يكاد يمحو أثرها من على ارض البلاء فقال لها :أنا
حلمك الوردي أنا املك الندي لطالما احتويتني بحب في كل الفصول وسقيتني من حنانك
اللذيذ منذ كنت طفلة فكنت أنا اكبر ليلة بعد ليلة تحت وسادتك الزهرية وعذوبة رسائلك
التي كنت تبعثي بها إلي تهيج بكلمات العشق والغرام .وها أنا ذا اليوم أتيت بعد أن
وصلني رجاؤك
وأنا في بلاد الظلم أتفقد
الأحوال و أغير ما يجب تغيره وانشر البشرى لكل متهم برئ .فانتابني شعور خفي وأنا
بالشارع الخلفي أن هناك احد في ورطة يطلب مساعدتي فحلقت بجناحي عاليا بين السحاب
فرايتك يا عزيزتي تواجهين سنين الماضي الجريح لوحدك ،فأتيت مسرعا لانتشلك من
قبضتها فهيا هذه يدي امسكي بها ودعينا نرحل من هنا فمدت له يدها البنية النحيلة
وظلت تنظر إلى وسامته فجذبها إلى حضنه الدافئ وراحت تبكي بشدة فاستخرج من جيبه الأيمن
منديله الأبيض ومسح دموعها النازلة على وجنتيها وقال:كفاك بكاءً فلا عذاب بعد الآن
،سنطير بعيدا بعيدا إلى عالم السرور الزكي برائحة النجاح الذهبي ونترك بحر الهموم
هنا بموقعه لينتحر من قنوطه في امسية ربيع يعانقه قوس قزح
قصة بقلم فتيحة
سليماني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق