
الأمير والملكة ...
( 3 ) قصة قصيرة ..
فى حفل الاستقبال
الملكى ، وقف ألبرت إلى جوار الملكة يتحدث إلى الضيوف الأجانب وراح يسهب فى إبداء
الآراء السياسة ، بينما الملكة تستشعر الحرج ولا تنطق ببنت شفة ، وفى مخدعهما فى
القصر ، انطلق بركان الثورة من فم فكتوريا بعد أن فاض بها الكيل مما اعتبرته تدخل
فج من زوجها آلبرت فى شئون الحكم ومسئوليات المملكة ، وراحت تأنب زوجها وتقول : لن
أسمح لأحد أن يتدخل فى أمر يخصنى حتى ولو كنت أنت يا آلبرت .... صدم الزوج من شدة
غضب الزوجة الملكة ...." كنت أظنك تسعدين لما أبديه من آراء عزيزتى فكتوريا ..
أنا مندهش مما تقوليه .. لست وحدك من تفهمين فى شئون المملكة .. ولا تنسى من هو
آلبرت وريث عرش ساكس وجوتا .. " .... وخرج آلبرت تاركا عش الزوجية لأول مرة منذ
زواجهما ، فهما لم يفترقا أبداً ... صاحت الملكة مندهشة وهى ترى زوجها يغادر
مخدعهما لينام فى مكان آخر بالقصر وقالت : إلى أين تمضى يا آلبرت .. تعالى ولا
تغادر .... نظر إليها آلبرت والدمعات تختنق فى عينيه ، للحظات وكأنه يريد أن يقول
شىء ، ولكن كفى له أنها أساءت فهمه .. وأنطلق مغادراً لا ينظر خلفه ..
انهارت فكتوريا
ووضعت كفيها على وجهها وسقطت على سريرها تبكى ما جرى بينها وبين زوجها ، معتقدة
أنه قد أساء إليها إساءة كبيرة بتركه عش الزوجية الذى عاشا فيه أجمل لحظات الحياة ..
فى مساء اليوم
التالى وبعد أن فرغت من مهامها الملكية ، راحات تدور بعيناها تطالع غرفة نومها حيث
الثريات الكريستال المتدلية من سقفها ، والسرير العريض بأغطيته الحريرية المطرزة
والمثقولة ، والستائر المخملية بألوانها الهادئة الجميلة ، والمناضد الرخامية
الصغيرة المنتشرة فى جنبات الغرفة بجوار المقاعد الوثيرة المنضوضة ، والسجاد
السميك الذى تغوص فيه الأقدام لثراء نسيجه الفاخر .. كل شىء جميل ورائع ، ولكنها
كلها لا طعم لها ، وقد فرغ مكان الحبيب إلى جوارها على سرير الحب .. سرير الزواج
الذى كانت تتمناه يوماً .. وجلست الملكة تخط بقلمها ما يختلج فى نفسها من مشاعر هى
مزيج بين الحب والسخط على فراق زوجها لها فقالت " .. أهكذا تتركنى يا آلبرت ..
أهكذا وببساطة تتركنى لخلاف عابر مهما كان سببه .. لن اسامحك يا آلبرت .. "
.. وأكملت خواطرها بكلمات تقطر حباً فكتبت :
ابوح أو لا أبوح .. يا
قلبى الجامح للوضوح .. أخفى لهفتى ، وحبى المفضوح .. لا تجاهر به لحبيبى ، فإنه
طموح .. لا يقف على تفاصيل البوح .. يريدنى وحدى له فى وضوح .. يريدنى قبلة وغنوة
وتفاحة ، الحب منها يفوح .. لا .. ليس هذا كل ما أريد ، فلا تفضحنى يا قلبى ، فحبى
له يبوح ..
استمر فراق الزوجين
لأيام لا يلتقيا فيها إلا لمهام رسمية ملكية يقومان بها معاً طبقاً للبروتوكول ....
" تباً لتلك البروتكولات التى تجبرنى على الجلوس إلى جوار رجل يهجرنى فى
مخدعنا ولا أراه إلا من خلال هذه البروتكولات المقيتة .. لا .. لن أقبل بتلك
الإهانة .. من الآن وصاعداً سأمضى وحدى دون أن أدعوه لحضورها .. " ..
فى صباح أحد الأيام
نهض الزوج باكراً من نومه قلقاً من تجاهل مسئولى القصر عن إبلاغه عن برنامج
المقابلات والمراسم الملكية ، وسمع صوت جلبة أمام مدخل القصر ، فنظر من نافذة
الغرفة ليرى حضور العربات الملكية بخيولها المطهمة وهى تستعد للموكب الملكى وانتشار
الحرس الملكى فى الساحة أمام القصر ..
" الملكة ستخرج
فى موكبها لتزور أمها فى بيتى كلارينس وفروجمو حيث مقر إقامتها الجديد " هكذا
قال مسئول البروتكول للأمير ألبرت .. فأدرك أن زوجته الملكة تريد أن تتجاهله بعدم
الحضور معها تلك المراسم كما هو معروف ..
سارع الأمير بارتداء
ملابسه المناسبة ونزل إلى العربة الملكية المكشوفة منتظراً وصول الملكة .. فلما
همت الملكة بركوب العربة التفتت إلى حيث نافذة غرفة زوجها وكأنها تقول " لأول
مرة يا آلبرت نفترق حتى فى البروتوكولات .. " .. ثم ركبت العربة لترى زوجها
جالساً فى مكانه ينتظرها .... أصيبت بالدهشة لوهلة ثم جلست إلى جواره وألقت عليه
تحية الصباح ، وأشاحت بوجهها عنه ، وانطلق الموكب الملكى فى شوارع لندن ... ( تابع
الجزء الأخير )
حسن عصام الدين طلبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق